المسلمون وعلم الهندسة الميكانيكية بقلم د. راغب
السرجاني تاريخ الإضافة:14-1-200
لن يتوقف الانبهار الذي صاحبك وأنت تقلِّب صفحات
الحضارة الإسلامية لأول مرة.. لأنه لم يكن انبهارًا ناشئًا عن جِدَّة المعلومات وحسْب،
حتى إذا ألِفْتَهَا زال عنك الانبهار.. بل إن الإبهار والروعة كليهما يسكنان في كل
تفاصيل هذا البناء الفريد (بناء الحضارة الإسلامية).. حتى ليُمكِنُنَا القول باطمئنان:
إن عجائب هذه الحضارة لا تنقضي!.. ولا غرابة في ذلك؛ فقد نشأت هذه الحضارة في ظلال
القرآن الذي: "لا تنقضي عجائبه!.." كما روى الحاكم بإسناد صحيح عن عبد الله
بن مسعود.
وإذا كنا قد عشنا على مدار شهور سابقة مع روائع حضارة
المسلمين في الطب، ثم في الجانب البيئي، ومن بعده جانب الرفق بالحيوان.. فسنحاول –
بعون الله – تقليب صفحة جديدة، لا تقِلُّ روعة عما سبق أن عرفناه من كنوز العباقرة
المسلمين..
ستطل بنا هذه الصفحة على روعة ما قدَّمه المسلمون
في مجال الهندسة، وبالتحديد فرع الهندسة الميكانيكية.. أو ما سمَّاه علماؤنا الأفذاذ
"علم الحيل النافعة".. ذلك العلم الذي يُشكِّل مع فروع أخرى مثل: (هندسة
الأشكال والمخروطات، وهندسة المساحة، وهندسة البصريَّات...) منظومة عبقريَّة لعلوم
الهندسة الإسلامية، التي أحسن فيها علماء المسلمين – كما أحسنوا في غيرها من علوم الحياة
– الأخذ عمَّن سبقوهم، ثم الإضافة المبدعة على هذا الذي أخذوه..
ولعل الذي يدفعنا إلى أن نختار علم الهندسة الميكانيكية
لكي نبدأ به حديثنا عن علوم الهندسة عند المسلمين أنه يمثِّل بصدْق عناية المسلمين
بمفهوم التكنولوجيا (الذي يعني تطبيقات العلوم).. ذلك المفهوم الذي ما إن يُطلق حتى
يُظنَّ اقتصاره على عطاء الحضارة الغربية الحديثة، في حين أننا سنجد أثناء رحلتنا مع
"الحيل النافعة" عند المسلمين ما لا يُتَخَيَّل وجودُه من المخترعات والآلات
في تلك العصور البعيدة.. حتى يصل الأمر – كما سنرى بعد قليل – إلى أن تعرف حضارة المسلمين
صورة لما يُمكن أن نسمِّيه (الإنسان الآلي!!).
وحتى يزداد تعرُّفُنا على علم الحيل النافعة (فلا
يلتبس بألاعيب الحُواة مثلاً كما قد يُتوهَّم من ظاهر اللفظ!!) لا بد أن نعرف أوَّلاً
الغاية من ذلك العلم عند المسلمين.. تلك الغاية التي لخَّصوها في قولهم: "الحصول
على الفعل الكبير من الجهد اليسير" بمعنى استخدام الحيلة مكان القوة، والعقل مكان
العضلات، والآلة مكان البدن..
وهي نزعة حضارية، تتسم بها الأمم التي قطعت أشواطًا
في مجالات العلم والحضارة، كما أنها المحور الذي تدور حوله فلسفة أي اختراع تفرزه عقول
العلماء يوميًّا؛ سعيًا وراء تحسين حياة الإنسان، ورفع المشقَّة عنه قدر الإمكان.
ولعل من الأبعاد الأخلاقية التي قادت العقل الإسلامي
في اتجاه الإبداع والتفرُّد في مجال الحيل النافعة أن الشعوب السابقة على المسلمين
كانت تعتمد على العبيد، وتلجأ إلى نظام السُّخرة في إنجاز الأعمال الضخمة التي تحتاج
إلى مجهود جسماني كبير، دون النظر إلى طاقة تحمُّل أولئك العبيد..
فلما جاء الإسلام نهى عن السُّخرة، وكرَّم العبيد؛
فمنع إرهاقهم بما لا يُطيقون من العمل، فضلاً عن تحريم إرهاق الحيوانات (كما رأينا
في مقالات سابقة)، وتحميلها فوق طاقتها... إذا عرفنا ذلك، وأضفنا إليه ضرورات التعمير
والبناء - بكل أشكالها – التي صاحبت اتساع الحضارة الإسلامية.. فسوف ندرك جانبًا هامًّا
من دوافع هذا السبق الفريد في مجال التكنولوجيا عند المسلمين، أو قُل: ...الحيل النافعة!
ولعل من أهم إنجازات الهندسة الميكانيكية (أو علم
الحيل النافعة) ما ظهر واضحًا في الإمكانيات التي استخدمها المسلمون في رفع الأحجار
ومواد البناء لإتمام الأبنية العالية من مساجد ومآذن وقناطر وسدود... فيكفيك أن ترى
الارتفاعات الشاهقة لمعالم العمارة الإسلامية في عصور غابت عنها الروافع الآليَّة المعروفة
في زماننا.. لتعلم براعة المهندسين المسلمين في التوصل لآلات رفع ساعدت (ولا شك!) على
إنجاز تلك الأعمال الخالدة... وإلا فكيف يمكن أن ترتفع مئذنة فوق سطح مسجد سبعين مترًا..
أي ما يزيد على عشرين طابقًا؟!!..
ولا ننسى في هذا السياق "سور مجرى العيون"
في القاهرة أيام صلاح الدين الأيوبي رحمه الله.. والذي كان ينقل الماء من فم الخليج
على النيل إلى القلعة فوق جبل المقطَّم، وكانت هناك ساقية تُدار بالحيوانات لترفع المياه
لعشرة أمتار؛ فتتدفق في القناة فوق السور، وتسير المياه بطريقة الأواني المستطرقة حتى
تصل إلى القلعة!
والحق أن جهود علماء المسلمين في الهندسة الميكانيكية
أو "الحيل النافعة" بلغت مستوىً أذهل كل من جاء بعدهم.. وامتلأت مؤلفات المهندسين
المسلمين الأفذاذ بشروح مصوَّرة لمئات المخترعات والآلات التي وصلوا إليها لتحسين الحياة
من حولهم وتيسيرها بصورة تعكس مدى التمدُّن والرقي الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية
ونقلت العالم إليه..
من أعلام المسلمين في الهندسة الميكانيكية
"بنو موسى بن شاكر" الذين برزوا – إلى جانب الهندسة الميكانيكية – في مجالات
أخرى كالفلك وغيره من العلوم التطبيقية والتقنية.. وهم ثلاثة إخوة: محمد وأحمد والحسن
أبناء موسى بن شاكر.. عاشوا في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، وشكَّلوا منذ
ذلك العهد البعيد نموذجًا إسلاميًّا سابقًا لفريق البحث العلمي، وما يمكن أن يتولَّد
من ابتكارات وإنجازات بتجميع جهود العلماء وتضافرها.. هذا التجميع والتضافر الذي يشكِّل
اليوم سببًا واضحًا من أسباب سبق الحضارة الغربية الحديثة.
واشتهر بنو موسى في مجال الحيل النافعة – الذي نحن
بصدده - بكتابهم القيم المعروف باسم: "حيل بني موسى".. الذي يحكي عنه المؤرخ
المعروف ابن خلّكان قائلاً: "ولهم – أي: بني موسى - في الحيل كتابٌ عجيبٌ نادرٌ،
يشتمل على كل غريبة، ولقد وقفتُ عليه فوجدته من أحسن الكتب وأمتعها، وهو مجلَّد واحد..".
ويحتوي هذا الكتاب على مائة تركيب ميكانيكي، مع شروح
تفصيلية، ورسوم توضيحية لطرائق التركيب والتشغيل، وكان استخدام بني موسى للصمامات التي
تعمل تلقائيًا، وللأنظمة التي تعمل بعد زمن معين، وغير ذلك من مبادئ وأفكار التحكم
الآلي، من أهم الإنجازات في تاريخ العلم والتقنية بشكل عام.
ومن أمثلة التركيبات التي توصَّل إليها بنو موسى:
عمل سراج لا ينطفئ إذا وُضع في الريح العاصف! وعمل سراج يُخرج الفتيلة لنفسه، ويصبُّ
الزيت لنفسه، وكل من يراه يظن أن النار لا تأكل من الزيت ولا من الفتيلة شيئًا ألبتَّة!!
ومن إنجازاتهم أيضًا تنفيذ نافورة يفور منها الماء مدة من الزمان كهيئة الترس، ومدة
متماثلة كهيئة القناة... وتظل هكذا تتراوح بين الطريقتين!!
كما استحدثوا كذلك آلات لخدمة الزراعة والفلاحة،
مثل المعالف الخاصة لحيوانات ذات أحجام معينة لتتمكن من أن تصيب مأكلها ومشربها؛ فلا
ينازعها غيرها الطعام والشراب.. وقاموا أيضًا بعمل خزانات للحمامات، وآلات لتعيين كثافة
السوائل، وآلات تُثَبَّتُ في الحقول لكيلا تضيع كميات الماء هدرًا، ويمكن بواسطتها
السيطرة على عملية ري المزروعات.
لقد كان لكل هذه الأفكار الإبداعية أثر كبير في دفع
مسيرة تقنية "الحيل النافعة" أو الهندسة الميكانيكية قُدُمًا، حيث تميزت
تصاميمها بالخيال الخصب والتوصيف الدقيق والمنهجية التجريبية الرائدة.
ومن
بعد "بني موسى" أتى علماء أفذاذ مثل "ابن خلف المرادي" الذي عاش
فى القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، وألَّف كتابًا قيِّمًا في الحيل النافعة
بعنوان "الأسرار فى نتائج الأفكار".. وقد اكتُشِفَت مخطوطة هذا الكتاب حديثًا
(عام 1975م) في مكتبة لورنيين بفرنسا.. ويحوي الكتاب أجزاءً هامة حول الطواحين والمكابس
المائية، كما يشرح أكثر من ثلاثين نوعًا من الآلات الميكانيكية، ويصف ساعةً شمسيةً
متطورةً جدًا
Artikel ini telahditulis oleh Ragheb Tarikh Elsergany dan membinncangkan tentang semua kejayaan berkaitaan kejuruteraan mekanikal dalam Islam.
ReplyDeleteSecara keseluruhannya artikel ini membincangkan tentang pencapaian yang telah dicapai dalam kejuruteraan mekanikal dalam tamadun Islam. Penulis telah menggambarkan bahawa pada zaman sebelum Islam, tenaga hamba dalam system buruh paksa amat penting dalam melancarkan semua tugasan seperti dalam pertanian dan juga perniagaan. Akan tetapi setelah datangnya agama Islam yang melarang kepada buruh paksa dan hamba abdi.
Dengan itu, dalam tamadun Islam, pemikiran kritis umat islam telah menemui pelbagai ciptaan dalam memudahkan tugasan seharian manusia contohnya cara yang digunakan oleh umat islam dalam mengangkat batu dan bahan-bahan binaan bagi bangunan yang tinggi, menara masjid, empangan dan banyak lagi.
Selain itu, artikel ini juga menerangkan satu buku berkaitan kejuruteraan islam yang mana mengandungi beratus-ratus kaedah pemasangan mekanikal, dengan penjelasan yang terperinci, ilustrasi pemasangan serta bagaimana ia berfungsi. Terdapat juga banyak teori-teori lain dan idea kawalan automatic yang merupakan pencapaian paling penting dalam sejarah sains dan teknologi dalam tamadun Islam suatu ketika dahulu.
Penulis juga memberitahu bahawa manuskrip (1975) ini terdapat di perpustakaan Orneen di Perancis. dalam manuskrip tersebut mengandungi bahagian-bahagian yang penting tentang kincir angina dan omboh air selain menjelaskan lebih daripada 30 jenis jentera mekanikal serta menerangkan berkaitan jam matahari yang amat canggih.