Untuk slide penuh sila klik sini
sains dan islam
Saturday, 15 December 2012
العلوم عند المسلمين
نشأة العلم وتطوره عند المسلمين
الإسلام والعلم
لقد حث الإسلام اتباعه على طلب العلم: فقال صلي الله عليه وسلم . "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" واعتبر أن طلب العلم يعادل الجهاد في سبيل الله "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع " ويعتبر الإسلام أن مكانة الإنسان في الدنيا والآخرة بعلمه الى جانب إيمانه فيقول تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم منكم درجات " المجادلة وليس القصد بطلب العلم هنا هو علوم الدين وحدها.. بل أن علوم الدنيا لا تقل أهمية عن علوم الآخرة.. وقد جاء في الحديث: "العلم علمان علم الأديان وعلم الأبدان "فجعل علم الأبدان الذي هو أحد علوم الدنيا موازياً في المكانة مثل علوم الدين ويقول الرسول أيضاً: "اطلبوا العلم ولو في الصين " فالعلم الذي يطلبه المسلم في الصين هوقطعاً علم دنيوي.
وللعلم بالنسبة للإنسان المسلم غايتان: الأولى: تعبدية والثانية: منفعة دنيوية..
1) أما العبادة فلأن العلم يزيده إيماناً بالله من خلال معرفته بإعجازه في خلقه.. مثل معرفة تركيب جسم الإنسان ووظائف الأعضاء.. ومثل معرفة الكون والفلك والنجوم.. ومعرفة تركيب الأرض ودورانها.. وقد أمر الله تعالى المسلم في مواضع عديدة من القرآن النظر في هذه الأمور ومعرفتها كنوع من العبادة واعتبرأهل العلم أكثر خلق الله خشية لله. فقال تعالى" إنما يخشي الله من عباده العلماء " فاطر 28 .
(2) الهدف الثاني. هو خدمة الرعية المسلمه وخدمه الإنسانيه عن طريق العلوم النافعة مثل الطب والفلك والهندسة وغيرها ورفع المستوي المعيشى بينهم.
المسلمون وعصر الترجمة.
لم تكن لدي العرب قبل الإسلام حضارة.... ولم يكن لديهم أى علم تطبيقي ولكنهم بهذه النظرة الإسلاميه المتفتحة على طلب العلم.. ابتدأو في نهم شديد يبحثون عن العلوم لدي الشعوب الأخرى.. فما أن استقرت مرحلة الفتوح في مصر والشام وفارس.. حتى ابتدأ عصر الترجمة من كل اللغات وخاصة الفارسية والإغريفية والهندية. ابتدأ المسلمون أولاً بترجمة العلوم الحيوية التي اشتدت حاجتهم إليها كالطب والصيدلة.. ثم تلا ذلك كتب الفلك وعلم الميكانيك الذي سموه علم الحيل النافعة ثم توالت الترجمات في العمارة والملاحة والموسيقى والبصريات والصناعات اليدولة.
وفي تلك الفترة ظهر الكثير من المترجمين.. منهم أهل، الذمة الذين وجدوا في سماحة الإسلام والمسلمين.. وفي سخاء الخلفاء وكرمهم ما شجعهم على نقل علومهم إلي اللغة العربية. ومنهم من اعتنق الإسلام وأراد خدمة الدين الجديد وإثراء اللغة العربية بالترجمة إليها.
ومن أوائل المترجمين حنين ابن اسحق واسحق بن حنين وابن ماسويه وابن البطريق وعيسى بن يحي، وتعتبر مرحلة الترجمة احدى مفاخر الحضارة الإسلامية لعدة أسباب:
أولاً: لأن الشعوب الأخرى كانت لا تحترم الحضارات السابقة لها ولا تستفيد منها.. بل كان الغالب يدمر حضارة المغلوب ويحرق الكتب ويقتل العلماء. من ذلك ما فعله التتار في بغداد وما فعله الأسبان المسيحيون في قرطبة وغرناطة مع المسلمين وهذا بعكس ما فعله المسلمون مع غيرهم.
ثانياً: لأن معظم العلوم السابقة وخاصة علوم الإغريق كانت قد اندثرت وضاعت معالمها فكانت بعض كتب العلم الإغريقية مدفونة مع العلماء في مقابرهم.. وذلك لأن الدولة الرومانية لم يكن لديها اهتمام بالعلم.. ومن هنا كان فضل المسلمين في إحياء تلك العلوم الميتة.
وتذكر مراجع التاريخ الأجنبية بكثير من الدهشة شغف قادة الفتوح الإسلامية بالكتب.. الى حد مبادلة أسرى الرومان بالكتب الإغريقية.. أو رفع الجزية مقابل هدية من الكتب. وكان الرومان سعداء بهذه المبادلات ويعتبرون أنفسهم الرابحين لأن تلك الكتب لم تكن في نظرهم ذات قيمة وكثيراً ما كانوا يحرقونها علناً بحجة أنها تدعو الى الهرطقة والكفر. وكثيراً ما كان الخليفة يضع بين بنود الصلح مع إمبراطور الرومان شرطاً بالسماح للمسلمين بالتنقيب عن الكتب الإغريقية. وكانوا يطلبون من البيزنطيين البحث عن كتاب معين جاء ذكره في المخطوطات ويسألونهم البحث عنه في مقبرة صاحبه.. ومع هذا الفيض من الكتب أنشأ المأمون داراً خاصة بالترجمة.. وكان المترجمون يؤجرون بسخاء.. وقد يعطى المترجم مثقال وزن الكتاب المترجم ذهباً .
ومن هنا كان الرومان يطلقون على المسلمين "المتوحشون العلماء" وذلك لأن شغفهم بالعلم لم يكن أقل شدة من بأسهم في القتال وصدق رسوله الله صلي الله عليه وسلم إذ وصفهم بأنهم: "فرسان بالنهار ورهبان بالليل ".
مرحلة الإنتاج والإبداع العلمي
وبعد. مرحلة الترجمة عكف المسلمون على تلك المخطوطات الثمينة يدرسونها ويغربلونها.. ولم تكن تلك العلوم خالية من الشوائب والخرافات.. فهذه الشعوب كانت تعبد البشر وتعبد الحجر.. ولديهم الكثير من العقائد الخرافية والسحر والشطط والكفر.. ثم ظهر جيل من علماء المسلمين الذي يستطيع أن يناقش القضايا العلمية.. فيثبت ما هو حق بالتجربة ويدحض ما هو خطأ أو باطل.. وظهر في العالم الإسلامي لأول مرة ما يسمى بالعلم التجريبي وشعاره "التجربة خير برهان" و "المشاهدة أقوى الدلائل ".
وبعد مرحلة الدراسة ابتدأت تظهر مجموعة من علماء المسلمين في كل علم وفن.. فظهر الرازي وابن سينا في الطب وظهر جابر بن حيان في الكيمياء وأولاد موسى بن شاكر في علم الحيل (الميكانيك) وابن يونس والبتاني والبيروني في الفلك والجغرافيا والفارابي في الموسيقى وابن الهيثم في الهندسة والبصريات وغيرهم كثيرون. وابتدأ هؤلاء العلماء بدورهم يكتشفون ويخترعون يطورون ويؤلفون الكتب والموسوعات العلمية. وزاد في تشجيعهم اهتمام الخلفاء والحكام المسلمين بهم.. وتسابقهم علي احتضان أكبر عدد من العلماء في بلاطهم، "وبذل المال بلا حدود. وقد بلغ هذا الاهتمام أن الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله عندما استدعى عالم الهندسة الحسن بن الهيثم إلى مصر خرج الخليفة بنفسه في موكب رسمي لاستقبال العالم عند أسوار القاهرة تقدبراً منه للعلم والعلماء..
كما أن السلطان بن مسعود أهدى الى البيروني حمل فيل ضخم من العملات الفضية تقديراً له على أحد كتبه غير أن العالم الكبير رد الهدية زهداً في المال.. وكان حكام المسلمين يتشرفون بمجالسة العلماء وتقريبهم إليهم بل كانو ا يولونهم أخطر مناصب الدولة. فكان ابن سينا وابن رشد وابن زهر وزراء للحكام.
ولأول مرة في تاريخ العلم ابتدع المسلمون مبدأ تفرغ العلماء.. أي إجراء الرزق الدائم عليهم حتى يتفرغوا للعلم.. وهو مبدأ جاءت به تعاليم الإسلام في قوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين " التوبة 122.
وإلي جانب ذلك كان الحكام يتولون الإنفاق على أبحاث العلماء وكتبهم ويتشرفون بأن تطلق أسماؤهم على هذه الكتب ومن هنا ظهرت كتب أمثال: المنصوري: في الطب ألفه الرازي للأمير منصور حاكم خراسان.
الحاكمي: في الفلك ألفه ابن يونس للحاكم بأمر الله.
المسعودي: في الجغرافيا والفلك ألفه البيروني للسلطان بن مسعود وغيرهم كثيرون.
ماذا انتج علماء المسلمين
يتساءل بعض الناس: إن الحضارة الغربية قد أنتجت للإنسانية الكثير من الاختراعات والأفكار العلمية التي تجعل حياة الإنسان أفضل وأيسر فقدموا لنا السيارة والقطار والطائرة وصاروخ الفضاء.. فماذا قدمت لنا الحضإ رة الإسلامية في عهود ازدهارها..
ونقول رداً على ذلك.. أن جميع هذه الاختراعات المعاصرة لم تخلق بين يوم وليلة وليست بفضل دولة واحدة ولا حضارة واحدة.. بل هي وليدة جهود ألوف من العلماء من شتى الأجناس على مر العصور.. كل منهم يضيف ويطور. وعندما كانت أوربا في عصور الظلام.. وكان البحث العلمي يعتبر كفراً والاختراع ممارسة للسحر والشعوذة والعلماء يحرقون أحياء.. كانت العلوم الإسلامية تتطور بسرعة مذهلة.. ففي الطب اخترع المسلمون التخدير لأول مرة وسموه (المرقد) واكتشفوا الدورة الدموية واخترعوا خيوط الجراحة من أمعاء الحيوانات.. واكتشفوا الكثير من الأمراض كمرض الحساسية ومرض الحصبة والأمراض النفسية والعصبية. وفي علم طب الأعشاب اكتشفوا ألوف النباتات التي لم تكن معروفة وبينوا فوائدها وقد قفز المسلمون بالجراحة قفزة هائلة ونقلوها من مرحلة (نزع السهام ) عند الإغريق إلي مرحة الجراحة الدقيقة والجراحة التجميلية.
وفي علم الفلك كانوا سباقين إلي إثبات كروية الأرض واكتشاف دورانها واكتشاف الكثير من الحقائق حول طبيعة الشمس والقمر مما ساعد في هبوط الإنسان على سطح القمر.. واكتشفوا الكثير من النجوم والمجرات السماوية وسموها بأسمائها العربية التي مازالت تسمي بها .
وقد ابتكر المسلمون علوماً جديدة لم تكن معروفة قبلهم وسموها بأسمائها العربية مثل علم (الكيمياء) وعلم الجبر وعلم المثلثات Al-chemy& Al- gebra .
ولكي نخرح من باب العموميات الى التحديد القاطع فقد جعلنا في ختام هذا الكتاب باباً يحتوي على 12 اكتشافاً أو اختراعاً اسلامياً كان لها فضل على تطور الحضارة..
فضل المسلمين في تطوير أساليب البحث العلمي
يقوله علي بن عباس طبيب السلطان عضد الدولة عن كتب الإغريق المترجمة الى العربية: "إني لم أجد بين مخطوطات قدامى الأطباء ومحدثيهم كتاباً واحداً كاملاً يحوي كل ما هو ضروري لتعلم فن الطب. فأبو قراط يكتب باختصار وأكثرتعابيره غامضة كما وضع جالينوس عندة كتب لا يحوي كل منها إلا قسماً من فن الشفاء ولكن في مؤلفاته الكثير من الترديد. ولم أجد كتاباً واحداً له يصلح كل الصلاح للدراسة".
ويقول في مكان آخر عن هذه المراجع أنه "يشق علي، التلميذ أن يدرس فيها".
فإذا رجعنا إلي أي مخطوط علمي إغريقي قديم وقارناه بأي مخطوط اسلامي فسوف نجد قفزة كبيرة في كل شيء سواء كان في الأسلوب العلمي للكتابة والشرح أو في المضمون العلمي أو في ترتيب المادة العلمية.
فقد ابتدع المسلمون المنهج العلمي في البحث والكتابة الذي يعتمد علي التجربة والمشاهدة فالاستنتاج. وهم أول من أدخل الرسوم التوضيحية في الكتب العلمية وأول من رسم الآلات الجراحية والعملية وأول من رسم الخرائط الجغرافية والفلكية المفصلة.
وبحكم تعاليم الدين الإسلامي فقد ابتعد علماء المسلمين عن الخرافات في بحثهم فلا تجد كلاماً عن الكهانة والسحر والجن والشعوذة والتمائم وغير ذلك مما تذخر به كتب الإغريق والهندوس والبيزنطيين .
وكان العالم المسلم لا يبدأ الكتابة إلا وهو طاهر وعلي وضوء.
أما الخطاطون والنساخ فكانوا يهتمون بمظهر الكتاب، ويزينونه بالزخرف الإسلامي كما تزين المصاحف تماماً.. وتحلى المخطوطات بالآيات القرآنية والأحاديث المناسبة ويكتب بماء الذهب .
وقد ابتدع المسلمون الموسوعات العلمية لأول مرة.
كما ألفوا القواميس العلمية حسب الحروف الأبجدية ومن ذلك موسوعة علم النبات لابن البيصار.
وكان علماء المسلمين يصدرون كتاباً سنوياً يسمى (المناخ) وهو موسوعة تبين أحوال الجو في العام القادم ومواسم الطقس والمطر من التوقعات الفلكية مما يساعد الزراع والمسافرين. وقد نقلت أوربا هذه الفكرة وتصدر اليوم موسوعة سنوية تسمى Al- Manac (المناخ ( بجميع اللغارت الأوروبية تقوم على نفس الفكرة العربية.
أوروبا تستفيد من العلوم الإسلامية
يؤكد كثيرمن المؤرخين أن عصر النهضة في أوربا لم يبدأ إلا بفضل الترجمة عن العلوم العربية. ويقسم سارتون الترجمة الي ثلاث مراحل.
المرحلة الأولى: بدأها قسطنطين الافريقي في القرن 11 الميلادي.
المرحلة الثانية: بدأها جون الأشبيلي في النصف الأول من القرن 2 ام.
المرحلة الثالثة. بدأها جيرار الكريموني في النصف الثاني من القرن 2 ام. ومنذ ذلك الوقت ظلت الكتب العربية المرجع الرئيسي في الجامعات الأوربية حتى القرن السابع عثر الميلادي ومن أهم الكتب التي ظلت المرجع الوحيد في مجالها لمدة 6 قرون :
- كتاب الحاوي في الطب للرازي.
- كتاب القانون في الطب لابن سينا.
ـ كتاب التصريف في الجراحة للزهراوي.
- كتاب (الجامع الكبير) في طب الأعشاب لابن البيطار- كتب الجغرافيا للادريسي وابن حوقل.
- كتاب الجبر للخوارزمي.
- كتاب الحيل النافعة لأولاد موسى بن شاكر والحيل الهندسية للجزري.
- كتاب البيروني في الفلك- كتاب المناظر لابن الهيثم.
فطبع من القانون وحده 16 طبعة في القرن 15 ثم طبع منه 20 طبعة في القرن 6 ام ثم 39 طبعة في النصف الأول من القرن 7 ام بينما لم يطبع من كتب جالينويس غير طبعة واحدة ثم لم يتكرر طبعه بعدها..
ولكن أوربا في عصور الظلام والتعصب الصليبي لم تكن لتعترف بفضل علماء المسلمين عليها.. وبعض أوائل المترجمين عن العربية مثل قسطنطين الإفريقي الذي ترجم من العربية إلى اللاتينية قد نسب ما ترجمه من كتب إلى نفسه ولم يكتشف أمره في أوربا إلا بعد 40 سنة من وفاته بعد ان ظن الناس هناك- أنه عبقرية علمية لا مثيل لها. وفي نفس الوقت فمن العلماءا الأولين في أوربا من أخذ الاختراع العربي ونسبه الى نفسه.. ومن أهم هذه الاختراعات التي نسبت إلى علماء غربيين اختراع البندول والكاميرا والبوصلة والبارود والمدفع والنظارة والساعة واكتشاف الدورة الدموية والتخدير وغيرها كثير مما سنناقشه في باب مستقل.
المستشرقون والحضارة الإسلامية
بعد أن انتهى عصر الظلام والتعصب الصليبي في أوربا ابتدأت مرحلة النهضة وعصر التفتح. فابتدأ علماء الغرب يعترفون لأصحاب الفضل بفضلهم وسبقهم في العلم.. وظهرت مجموعة من العلماء الذين تخصصوا في (تاريخ العلم) وفي كشف الزيف التاريخي بتحقيق كتب التراث.. ومن هؤلاء العالم الأمريكي الكبير جورج سارتون صاحب موسوعة ( تاريخ العلم) وأستاذ مادة تاريخ العلم في جامعة واشنطن.. والعالم الألماني مايرهوف المتوفي سنة 1945 والذي كان أستاذاً لطب العيون في ألمانيا ثم استهواه الاستشراق فانتقل إلي مصر ودرس اللغة العربية ثم قضى حياته في استكشاف وترجمة المخطوطات العلمية الإسلامية.. وهناك شاخت صاحب موسوعة تراث الإسلام.. ونلينو وسخاو وبارتولد وكرامر وهونكه ومنورسكى وفلوديان وسيديو .
وسوف يلاحظ القارىء أنني أحرص على الاستشهاد بسارتون أكثر من غيره كمرجع في العلوم الإسلامية.. لا لأنه من أكثرهم إنصافاً لها.، ولكن لأن سارتون لا يمثل عالما واحداً.. أو كتاباً واحداً.. بل هو فريق ضخم من العلماء والباحثين وموسوعته الضخمة (تاريخ العلم) أصبحت المرجع الرئيسي والمنهل الأكثر اعتماداً.. لدى جميع المستشرقين والكتاب ومراكز البحث العلمي. بل أيضاً لمؤلفي الموسوعات العامة في الغرب.. ففي هذه الموسوعة يحدثنا سارتون عن العلم في التاريح الإنساني وفي العلم كله في أوربا وآسيا وافريقيا ولا يترك شعباً واحداً ساهم في الحضارة الإنسانية ولو بالقليل إلا ويذكر فضله. ودوره بالحق.. ويسير بنا سارتون بالتطور العلمي ابتداء من عصور الفراعنة ثم الإغريق ثم الدولة البيزنطية حتى يصل إلى ظهور الحضارة الإسلامية.
ويقول سارتون إنه عندما وصل في تأريخه الي القرن السابع والثامن الميلادي حيث ابتدأت الحضارة الإسلامية تصعد بسرعة مذهلة ويطغى نورها على كل ما سواها في شتى أنحاء المعمورة لم يستطع أن يكتفى بمعلومات مساعديه رغم أنهم فريق كبير من علماء التاريخ الإسلامي فاضطر أن يدرس (2 )اللغة العربية في هذا السن الكبيرحتى يستطيع بنفسه أن يلاحق هذا الفيض المتفجر من العلم والإنتاج.. ويقسم سارتون عصور التاريخ بأسماء أبرز العلماء وأصحاب الفضل على الحضارة الإنسانية في عصرهم. فالنصف الثاني من القرن الثامن الميلادي يسمى عصر جابر بن حيان.
والنصف الأول من القرن التاسع الميلادي يسمى عصر الخوارزمي.
والنصف الثاني من القرن التاسع الميلادي يسمى عصر الرازي.
والنصف الأول من الاقرن العاشر الميلادي يسمى عصر المسعودي.
والنصف الثاني من القرن العاشر الميلادي يسمى عصر أبو الوفا البوزجاني.
والنصف الأول من القرن الحادي عشر يسمى عصر البيروني.
والنصف الثاني من القرن الحادي عشر يسمى عصر الخيام.
والنصف الأول من القرن الثاني عشر يسمى عصر ابن زهر الأندلسي.
والنصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي يسمى عصر ابن رشد.
والنصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي هو عصر الترجمة من العربية الى أوروبا.
ولهذا التقسيم وهذه الأسماء مغزى كبير يجب أن لا يفوتنا. فمعناه أن الحضارة الإسلامية كانت في تلك العصور سيدة الدنيا بغير منافس ولا منازع مما حدا بسارتون أن يسميها بعصور العلم الإسلامي. وفي ذلك (3) يقول في صفحة 965 بعد أن يستعرض كل الحضارات المعاصرة من اليابان والصين حتى إنجلترا وإسكندنافيا:
"ولننتقل الآن إلى الإسلام. فكأنما انتقلنا فجأة من الظل الى الشمس الساطعة.. ومن العالم النائم إلى عالم يعج بالحركة والطاقة والحيوية والإنتاج " ويستطرد سارتون بأن العالم الإسلامي نفسه كان في سباق مع نفسه نحو قمة الحضارة.. فكانت هناك منافسة حضارية علمية بين مسلمي الغرب الإسلامي وبين مسلمي الشرق الإسلامي.. بل كان هناك سباق بين أبناء الدين الواحد والدولة الواحدة الذين ينتمون إلى عناصر مختلفة من عرب وفرس وأتراك وبربر وغيرهم. فقد دفع الإسلام في هؤلاء جميعاً طاقة لا تعرف الكلل.
ويرد سارتون على بعض المؤرخين الذين طغت لديهم الروح العنصرية والصليبية على روح العلم والتفتح فيقول.
"إن (4) بعض المؤرخين يحاول أن يبخس ما قدمه العرب للعالم. ويصرحون بأن العرب والمسلمين نقلوا العلوم القديمة ولم يضيفوا إليها شيئا" ويرد عليهم قائلاً: "إن هذا الرأي خطأ جسيم.. فقد كان العرب أعظم معلمين في العالم وأنهم زادوا على العلوم التي أخذوها ولم يكتفوا بذلك بل أوصلوها إلى درجة جديرة بالاعتبار من حيث النمو والارتقاء".
و يحدثنا سارتون في كتابه "حياة العلم " عن المعجزة الحضارية العربية.. وعن "الكبرياء العقلي العربي " فيقول: "إن قليلاً من الإغريق قد وصل الى مراتب (5) غير عادية بطريقة تكاد تكون فجائية وهذا ما نطلق عليه "المعجزة الاغريقية" ولكن للمرء أن يتحدث كذلك عن "معجزة حضارية عربية وإن اختلف الأسلوب. إن عملية خلق حضارة جديدة ذات صفة دولية وقدر موسوعي خلال أقل من قرنين من الزمان.. لهي من الأمور التي يتعذر شرحها شرحاً كاملاً.. "
ثم يقول في مكان آخر: "إن تفوق الثقافة الإسلامية كان كاسحاً إلي حد يفسر لنا كبرياء العقلية العربية في تلك العصور"
أما ماكس مايرهوف فيقول في كتابه "تراث الإسلام "
"إن العلم الإسلامي قد عكس ضوء الشمس (6) الغاربة في اليونان.
وتلألأ كالقمر في سماء العصور المظلمة.. وثمة كواكب سطعت من تلقاء نفسها وأضاء سناها ظلمة هذه السماء".
واعترافاً بفضل العلوم الإسلامية على الإنسانية فقد تكونت في كل الدولة المتقدمة مراكز لدراسة التراث الإسلامي وإعادة تقييمه.. وقررت هيئة اليونسكو إحياء ذكرى هؤلاء العلماء على مستوى العالم كله.. فقامت في كل من روسيا وأمريكا وفرنسا وأسبانيا احتفالات بمناسبة العيد الألفي لابن سينا وأخرى للعيد الألفي للرازي وذكرى ابن رشد والبيروني وأنشئت في روسيا لجنة دائمة لتكريم ابن سينا رصدت الجوائز السنوية لأفضل بحث عن أعماله.. كما ألفوا عن هؤلاء العلماء التمثيليات والمسرحيات.
وفي أمريكا أصدرت هيئة تسمية تضاريس القمر التابعة لأبحاث الفضاء نشرة بإطلاق أسماء18 عالما اسلامياً علي تضاريس القمر وعلي محطات الهبوط علي سطحه.. تقديراًلفضلهم في التوصل الى هبوط الإنسان علي سطح القمر.
كما تكونت جماعات من الخبراء عملهم التنقيب عن قبور هولاء العلماء.. "واستخراج الجمجمة وتصويرها بالأشعة ثم تقدير ملامح العالم من الجمجمة وعمل صور وتماثيل له لوضعها في المتاحف العلمية وقد توصلوا إلى شكل ابن سينا والرازي وغيرهم . وبعض هذه الصور منشور في هذا الكتاب بل إن أبحاث علماء الغرب شملت التنقيب عن بيوت هؤلاء العلماء ومعاملهم الخاصة ... ويذكر ( هولمياد ) أنه عثر فى الحفريات على معمل جابر بن حيان فى الكوفة وهو أشبه بالقبو تحت بيت قديم ووجد فيه أجهزة التقطير والقوارير والمواقد وعدد كبير من الكيماويات والأجهزة .
واجبنا نحو تراثنا العلمي
من الأمور المؤسفة حقاً أن أغلب المتعلمين المسلمين لايعرفون شيئاً ذا بال عن التراث العلمي الإسلامي ... وذلك لأن التعليم فى مدارسنا لم يهتم بهذا الجانب الاهتمام الكافي . وقد يدرس التلميذ التراث الأدبي من شعر وأدب وحكمة وقد يدرس أخبار الشعراء والأدباءوالفلاسفة المسلمين .... أما العلوم التطبيقية وروادها فلايعلم عنهم شيئاً وبذلك يتصور أن العرب والمسلمين كانوا أمة خطابة وشعر ولم يكونوا أهل علم وعمل . وقد يقول قائل إن أغلب هذه العلوم القديمة قد عفا عليه الزمن ... وحلت مكانه علوم حديثة متطورة وليس من المعقول أن يدرس أولادنا علوم القرن العاشر الميلادي ويتركوا علوم وتكنولوجيا القرن العشرين . وطبعاً نحن لانطلب ذلك ... ولكننا نقول أن دراسة التراث العلمي الإسلامي تهدف الى تحقيق الأهداف التالية :
أولا العزة القومية : ـ
وهو أمر لايمكن إغفاله أو الاستهانة به …فكل الشعوب الناهضة تعتز بماضيها وتراثها وتحاول أن تثبت أنها لم تكن نكرة فى التاريخ بل لها فضل على الإنسانية بما قدمته من حضارة وتطور ....
ثانيا : أن تكون أمجاد الماضي حافزاً على النهضة فى المستقبل وأن تكون سيرة الأجداد وانجازاتهم العلمية حافزاً للأحفاد على الاقتداء بهم ... وعلي حب العلم .
ثالثا: الاستفادة من تجارب السابقين فى العلم الحديث :
مثال ذلك ما فعلته الصين بعد تدارس نظام الوخز بالإبر فى ضوء التكنولوجيا العصرية وقدمته إلى العالم كعلم جديد نافع اهتزت له الاوساط العلمية فى أوربا . ونحن لدينا الكثير من العلوم الاسلامية مثل طب الأعشاب ـ علم جبر العظام ـ علم الكي ويمكن بعد إعادة دراسة هذه العلوم أن نجد فيها الكثير مما تقدمه إلى الإنسانية فى قالب عصري جديد .
واجب علمائنا المعاصرين نحو أجدادهم : ـ
من المعروف أن أي كتاب أوربي يصدر فى عصرنا الحالي ويتناول أي علم من العلوم أو فروع دقيق من فروع هذا العلم …. فإنه يبدأ بلمحه من التاريخ …تتناول تطور هذا العلم وإنجازات السابقين فيه . ولكنهم غالباً ما يبدأون هذا الجانب التاريخي من عصر النهضة فى أوربا ويغفلون بذلك فترة الحضارة الإسلامية وانجازاتها … بل أن منهم من يبدأ بدور الفراعنة والإغريق ثم ينتقلون مباشرة إلى أوروبا … والواقع أننا لانستطيع أن نتهمهم بالتعمد أو التحيز لأن أغلب كتبنا التى يؤلفها علماؤنا العرب والمسلمون والتى تدرس فى جامعاتنا اليوم تسير على هذا المنوال من تجاهل دور العلماء المسلمين الأولين .
Thursday, 29 November 2012
ISLAMIC AND CHRISTIAN SPAIN IN THE EARLY MIDDLE AGES Thomas F. Glick
1. Traveling the Cultural Frontier
HISTORY seems scarcely distinguishable from myth. Historians, whether critical or not, at one point or another in their work, embody in the past values which seem to them to be the most significant or enduring of a given peoples' experience. Since values are culturally or socially defined, historians, from this perspective, engage in a process of myth-building. This is a proper role for historians, although not the only role, and I do not mean to disparage the part played by myth in all cultures, particularly as a context which makes the past something worth preserving and something intelligible to the present.
Yet certain national schools of historiography -- the Spanish is the case in point -- seem less able than others to disentangle present myths from past ones or to deal effectively and realistically with those aspects of the past which have been particularly productive of conflict or anxiety. I believe that the historian's role as interpreter of culture is analogous to that of the psychologist as interpreter of the individual psyche. In the middle ages conflict with the Muslims provided a very realistic basis for the fear of Spanish Christians, which became internalized both in individual psychologies and in collective norms regulating social distance among religious groups, and which finally were institutionalized in discriminatory laws and apparatus for enforcing them. To explain such phenomena as the Inquisition in terms of generalities like "intolerance" or "religious exclusivity," let alone such constructs as "nationalism," "capitalism," or the rise of the "modern" state, does not do justice to the social-psychological dimensions of the problem. For, long after the enemy was vanquished, the Jews expelled, and the Inquisition disbanded, the image of the "Moor" remained as the quintessential stranger, an object to be feared. Case histories in recent Spanish clinical psychology bear out this contention.(1)
Transposed into the historiographical field, subconscious fears became transferred into bias that underlies historical interpretation and contributes to misinterpretation. Unless purged of such bias, the historian cannot play a valid role either as interpreter of the past or as a creator of myth [4] for the present and future, no more than (and to the same extent as) a neurotic individual can interpret the strands of his own past conflicts that have brought him to his present state, or fashion functional guidelines for future adjustment.
Although, like most historians trained in the positivist tradition, I strive to be objective, I nevertheless know that my own values play a formative role in the picture that I present of medieval Spanish history. I believe that ethnocentrism is the bane of peoples and of history; that contact of cultures is inevitably creative, however conflictive; and that the mettle of a culture is manifested in its ability to adjust to other cultures without destroying them..
For all of my scholarly career I have traveled the interface between two cultures, Islamic and Spanish, able to identify strongly with both, but still feeling not quite at home with either. I was trained as an Islamist; my research has largely fallen on the Spanish side. For these reasons, possibly, my notion about what is distinctive or even normative about medieval society may differ considerably from those of either the Islamist or the Hispanist. Only by identifying with both cultures, and with one no more than the other, can the historian entertain any reasonable hopes of filtering out some of the more flagrant biases that have so persistently plagued this area of investigation.
This book is not intended as a general survey of the high middle ages in Spain, but rather as an analysis of central issues and phenomena that contributed to the formation of Islamic and Spanish cultures in the Iberian peninsula and that guided the interaction among both peoples.(2)
Underlying the narrative which follows is a concern for the processes whereby distinctive cultures and societies are formed. The two cultures here described had vastly different histories but were nonetheless caught up in a situation where old cultural and social patterns had been broken and new ones were forming. The Muslims, who quickly established themselves, through conquest, as the dominant group, represented a new religious and social order which had not yet, in the eighth century, elaborated firm norms. That solid body of religious law which characterized mature Islamic society had not yet evolved, and the conquest created a body of culturally heterogeneous believers. The Christians had suffered the total destruction, by conquest, of their society and institutions and had to restructure them completely. Given the balance of power favoring the Muslims, the emergence of new patterns of social organization and cultural expression in Christian Spain had to reflect adaptation to the Muslim presence. [5] The processes of social and cultural formation are analogous ones and are referred to in this book as crystallization (social, in Chapter 6, sections 1 and 2; cultural, in Chapter 9, section 2). While the patterns of crystallization, both social and cultural, conform to general frameworks devised bv sociologists and anthropologists, the case of medieval Iberia is doubly interesting because of the constant interchange between the two societies during the period of crystallization. Culture contact is a normal ingredient in the formation of cultures, but the length and variability of contact in medieval Spain lend the case unusual complexity.
2. Comparison and Diffusion
The comparative approach adopted in this book is in part a reaction to the general contrastive bias of medieval Spanish history, to view the two opposing blocs as radically dissimilar in religion, if not always in culture, and as therefore leading to assumptions of difference, rather than similarity, when in doubt. The adoption of this approach, an experiment at best, was suggested by a geographical intuition: the settlement of a unified geographical area by peoples of different cultures. From this perspective, the method works optimally in investigating the organization of formerly Muslim-held lands after they were conquered by Christians, an epoch beginning only in the late eleventh century. Nevertheless, in comparative perspective, there is some truth in the traditionally held view of the history of Christiin Spain from the eighth century on as a preparation for the occupation of the entire peninsula which, when disengaged from the teleological overlay usually given it, further suggests the relevance of a comparative approach.
Because this book is cast in a civilizational perspective, the contact of cultures and the diffusion of discrete elements among them must play a major part in my narrative. But since the flow of elements from one culture to another and the processes by which such elements may have been adopted or rejected are to a great extent dependent on the structures of the societies involved, the comparative study of the two groups -- Muslim and Christian -- perforce presupposes making judgments of comparative or contrastive nature. Behind the constant recurrence of cultural diffusion as a theme of medieval Spanish history is more than a prurient interest in tracking the impact of Islamic upon Christian culture. There is the recognition that in the communication between two societies of unequal levels of socioeconomic integration, the difference in structure of the two [6] societies sets in motion processes that are systemic in nature and exceed in impact the sum of the individual elements (techniques, ideas, institutions) transferred.
From the middle of the ninth century to the end of the period covered in this book (around 1300), the contact was between peoples not only of different cultures, but of different socioeconomic systems. One bloc, the Islamic, dominant until the eleventh century, was an expanding, "urban-artisanal" society, fully implanted in a larger economic network (the Mediterranean, in the first place, and beyond that the Islamic world as a whole). The other bloc, the Christian, was for most of the same period a heavily ruralized region which for the present we can characterize as "static-agrarian."(3)
In each, therefore, all major social features were organized according to very different processes. In Islamic Spain, embedded in an international monetary economy, the cities were able to attract, mobilize, and direct agricultural production and thus to divert natural resources into burgeoning urban-craft industries which in turn required specific instruments of control.(4) In Christian Spain (except for Barcelona, and this rather late in our period) the nature of state and society were shaped by the more rigid structure of the agrarian economy whose surpluses tended to flow, not to the cities, but to rural centers, organized by lay or ecclesiastic lords.
It follows from this dichotomy that the diffusion of any cultural element, whether technological, economic, or institutional, involves its adaptation to a sharply different socio-economic context and may therefore cause ripples throughout the entire system. Here again, comparative analysis is called for; because if cultural diffusion between two societies of unequal socio-economic organization leads to structural changes in the reciplent culture, the structures of both must be understood in order to gauge the impact of diffusion. Thus we shall argue, for example, that contact between al-Andalus and Christian Spain, particularly Castile and Aragón, had the effect of inducing, stimulating, and determining specific forms of urbanization, which cannot be explained adequately without reference to the structure of the urbanized Islamic society.
3. Culture Contact and the Polemic of Spanish Historiography
Spaniards have, of course, been aware since the middle ages that many traits of their culture were acquired from the Muslims. They knew this [7] because of the formalized continuity of certain customary arrangements, exemplified in repeated legal strictures that these were to continue "as was the custom in the time of the Moors." A large number of words in the peninsular Romance tongues were easily recognized as Arabisms, and popular diffusionist notions attributed a "Moorish" origin to a wide variety of objects that looked ancient or different.(5)
In the past century, the English Hispanist Richard Ford was the first to compare the two cultures systematically, and although the literary genre in which he articulated most of his findings -- a tourists' guidebook -- tended to discourage scholars from taking his work seriously, he was nevertheless correctly able to identify as of Islamic provenance a vast range of customs and techniques that he personally observed in Spain during the 1830's.(6) At the turn of the century, the Spanish Arabist Julián Ribera made a significant advance: he argued cohesively, on the basis of theoretical suppositions regarding the nature of cultural diffusion, and by using comparative methodology, that generalized systematic borrowing by Christians of discrete elements of Islamic culture had taken place. To account for similarities between the medieval Aragonese justiciar, or appeals judge, and the Islamic mazâlim, Ribera developed a theory of imitation, whereby two contacting cultures exchange elements, according to the kinds of communication that take place between them, the presence or absence of geographical or cultural barriers to such communication, and social and psychological factors influencing the receiving culture's receptivity to innovation.(7) Ribera was the first, and the last, to attempt a behaviorist, social science approach to the problem of cultural borrowing in medieval Spain.
The present polemic began in 1948 with the publication by Américo Castro, a philologist and literary historian, of a book entitled España en su historia, since revised numerous times.(8) His thesis, as it is generally argued, is that the culture we know as Spanish did not exist before, and came into being as a result of, the interaction of Muslims, Christians, and Jews (the "three castes," he calls them) in the eighth through the thirteenth centuries, and that the resultant culture bore the mark of that interactive process. He was answered in 1956 by Claudio Sánchez-Albornoz, dean of Spanish medieval historians, in a massive refutation entitled España: Un enigma histórico.(9) Sánchez-Albornoz replied that Castro had exaggerated both the extent and nature of the contact between Muslims and Christians, which was conflictive and therefore not conducive to creative [8] cultural interchange, and that most of the components of "Spanish" culture are either idiosyncratic or consist of Roman, Gothic, or elements of other than Semitic provenance.
I cannot here give an extended critique of these two positions, but will simply outline the main issues as I perceive them, discuss briefly how each of these two scholars has resolved the issue, and then point out the limitations of the debate and the effects it has had on recent historiography. At issue are three related problems:
(1) The nature of cultural substrates. To what extent do enough cultural elements persist over very long periods of time so that one can point to a recognizably "Spanish" or Hispanic culture extending from Iberian times, through the Roman, Visigothic, and medieval periods into modernity?
(2) The process of cultural change. What phenomena stimulate cultural change and govern its rate and direction and, in connection with the previous point, to what extent do prior cultural substrates place limits on the extent of such change?
(3) The impact of cultural contact. Given that contact produces changes in one or both of the contacting societies, what areas of culture are affected and what are the processes governing the selection of those areas?
It is interesting to observe that both Castro and Sánchez-Albornoz resolve these problems within the context of models of cultural evolution prevalent in Spanish intellectual circles during the period of their intellectual formation. Castro, heavily influenced by German philosophers of history, took a Hegelian position on social evolution, according to which literacy was a crucial stage in the advancement of the species. Thus Castro believed, in a direct echo of Spengler, that primitive (that is, non-literate) peoples had no history, and -- the opposite side of the coin -- that the decisive processes of cultural change took place on the level of "literary" creation (which he understood broadly as comprising all of high culture). Thus for Castro "before becoming perceptible and ascendant as a fit subject for history, the Spaniard did not exist."(10)
In Sánchez-Albornoz's reasoning, the biological model is explicit, but decidedly anti-evolutionary. He cites Ortega y Gasset on the indemonstrability of the transformation of species (e.g., a tiger is always a tiger) and accepts the monophyletic origin of human races. Modal personality is determined by herencia temperamental, a constellation of characteristics, genetically transmitted, which remain quite constant over the long run, [9] changing only very slowly, if at all. When he admits change, it is phenotypic, not genotypic: "Temperamental inheritance is an operative potential which offers possibilities and sets limits to the action of human communities and individuals, but within the cultural and existential environment in which their history and life transpire; a climate which has never remained static, which continually changes."(11) Social and cultural environments may change, elicting different expressions from the peoples in question who, however, always retain the same "temperamental inheritance." Thus Hispano-Romans, Goths, "Hispano-Muslims," and Castillans, while having distinctive characteristics, were all, nonetheless, Hispanic in their temperamental inheritance. All of this is very much in line with moderate Catholic evolutionism of the late nineteenth century, which admitted change up to, but not beyond, the species level.(12)
Thus Castro is able to admit a far greater potentiality for cultural change than is Sánchez-Albornoz in the three areas outlined above, which each resolves as follows:
(1) Castro is insistent that cultures, with language the primary parameter, change radically over time, creating diachronic boundaries between one another. Therefore German-speaking Visigoths of the eighth century and Castilian speakers of the eleventh cannot both be called "Spanish." For Sánchez-Albornoz, the temperamental inheritance was a permanent substrate that controlled the limits of cultural differentiation; he once boasted that he had "been able to follow the curve of Hispanicity from Seneca to Unamuno."(13)
(2) For Castro, the interchange between one culture, predominantly Arabic-speaking and Islamic (together with a differentiated Jewish element) and another, Romance-speaking and Christian throughout centuries of intimate contact (which he calls convivencia -- literally, "living together") induced changes in Christian culture which clearly differentiated it over time from its Hispano-Roman and Gothic progenitors. These changes were both reactive and imitative in nature. For Sánchez-Albornoz the substratum, however defined, is taken as representing the core of the modal personality, the equivalent of a genotype. One species cannot become another, no matter how many "mimetic trappings" it may take on. Whenever he admits some cultural change, he is then able to deny its significance by alluding to a concept of latency: the Spanish temperamental inheritance may be submerged, but, provide it with a propitious environmeiit, and it will emerge again.(14)
[10]
(3) Although Castro cites a stock list of Arabisms in many fields, particularly economic (agriculture, urban crafts), such pursuits do not play a large part in his explanation. He is primarily interested in the processes of cultural differentiation and self-ascription whereby Spaniards began consciously to perceive their ethnic distinctiveness (as Christians, first and foremost, in contradistinction to Muslims). Therefore, Castro is at his best when tracing literary, philosophical, or religious themes. In the latter category, he points out that Christians institutionalized Islamic notions of militant religion, but otherwise he is not interested in institutional history. The doings of common folk, unless reflected (that is, made conscious or perceptible) in literature or art are not "historifiable," not proper objects of historical inquiry. Sánchez-Albornoz, an institutional historian, is naturally more concerned with institutional interchange, which he believes to have been minimal; such Islamic elements as appear are, at best, "mimetic trappings." In his polemical writings he seems generally to accept Castro's definition of what aspects of culture were most "historifiable": religious values, honor, and so forth. Cultural elements not encompassed in the scope of the dominant value-system, or the broad social and economic processes underlying them, are mundanidades and of no interest to the historian.(15)
Sánchez-Albornoz's view of the whole process is conditioned by his perception of Islamic culture in Spain. In his view, no Eastern Islamic elements could have reached the Christian kingdoms (at least before the conquests of the late eleventh century resulted in the ingestion of a large Muslim minority) because the culture of al-Andalus was idiosyncratic, within the bounds of the temperamental inheritance of the Neo-Muslims, the converted Hispano-Romans who formed the majority of the population.(16) Such a view of Islamic culture in al-Andalus is simply and clearly wrong.
It is unfortunate that the focus of the polemic has not been the definition of mechanisms and processes governing culture contact and cultural diffusion but, rather, the issue of modal personality ("national character"). Since both Castro and Sánchez-Albornoz were political liberals, exiled after the trauma of. the Spanish Civil War, they were obsessed with explaining what had made modern Spaniards the way they are; both professed to have found the answer in the Christian-Muslim confrontation of the middle ages. It is unfortunate that the debate centers here because it invites all kinds of unsubstantiated and unprovable generalizations. (I [11] be-lieve that modal personalities exist and can be described meaningfully, but only if the characteristics that constitute them can be directly related to social structure. Thus aggressivity or honor may well have characterized Numantines, Visigoths, and medieval Castilians alike, but any connections between them would have to be proved at the level of family structure, the socialization of children, and the like.) It is at this point where history and myth become hopelessly entangled.
Castro perceives in modern Spaniards a feeling of insecurity, and, in regard to the rest of Europe, inferiority, and associates these with the ambivalent, semi-dependent relationship their ancestors had with Muslims and Jews. Many members of Castro's generation subscribed to this characterization of Spanish modal personality (insecure, inferior) and because they did they were prepared to confirm their suspicions arising from recent social traumas with mythic associations with the medieval past. That is why Castro's impact on his own generation of Spanish intellectuals was enormous and Julián Ribera's, whose views on the dynamics of cultural interchange were more coherently and systematically defined than Castro's, was minimal.
I will summarize the balance of the arguments as they relate to this book: substrates are important to philologists but not so much to historians, who understand that historical processes always involve a mixture of change and continuity. Castro points out, with reason, that Visigothic elements in Spanish culture of the tenth through the twelfth centuries are survivals, while the Arabic elements were contemporaneous and living.(17) I do not accept this proposition quite as stated, but would restate it to the effect that elements can be diffused across diachronic, as well as geographical, frontiers and that their mere presence says nothing of their function. The various prelates and statesmen who throughout the middle ages adopted Visigothic anti-semitic strictures, formulated in the Toletan councils of the seventh century, were not acting within the scope of, or in continuity with, Visigothic culture.
As for the processes of acculturation and culture change, the examination of these are foreclosed structurally from Sánchez-Albornoz's point of view. Castro's conclusions are generally acceptable, as far as they go; but he gives the impression that the cultural processes, lumped together under an umbrella-term, convivencia, took place in a social vacuum and were quite independent of social forces. He says as much: Christians achieved total power and were able to do away with Jews and Muslims because the [12] former aspired "to be more, and the Jews and the Moors ... were a serious obstacle in the way of that goal."(18) In Castro's vision, relationships among persons of the three castes were structured on a basis of parity, as if these groups were of equal demographic weight, political and military force, cultural potency, and in complete disregard of the institutional or legal mechanisms controlling access to power. What counts for Castro is not the material strength of each group, but the relative, conscious will of each to succeed.
In the present book, we shall maintain that cultural interactions among the three groups were very sharply structured, in the period extending approximately from 750 to 1085, when there was a stabilized Islamic-Christian frontier, by the relative disequality in the socio-economic structure of the two sides; and, after that period, when the Christian kingdoms acquired substantial Muslim and Jewish enclaves, by a variety of social conventions, legal norms, and governmental institutions that, in great part, determined the nature of cultural interchanges.
Sánchez-Albornoz, in fact, was quick to point out that the symbiosis which Castro stressed seemed a misrepresentation of social reality and underplayed to the point of serious distortion the conflictive nature of the centuries Of Muslim-Christian contact, which would be better characterized as antibiosis. But this notion he uses to bolster the conclusion that very little cultural borrowing went on, failing to realize that "antibiosis" implies a variety of acculturative processes (reactive adaptation, stimulus diffusion across a barrier), no less than does symbiosis.(19)
Because of the excessively valorative judgments concerning what is historically most valuable or worthy, the polemic has had the effect of narrowing the scope of historical investigation considerably. From the point of view of assessing Islamic impact on Christian culture, the best evidence has generally not been used nor recognized for what it was. (I refer, for example, to the pervasive diffusion of eastern craft technologies throughout the entire Mediterranean basin.). In terms of stimulation of research, Castro has mainly influenced literary historians. Sánchez-Albornoz's stimulus to intercultural studies has been so negative as to shut off whole areas of investigation. For example, since he believes that Mozarabs (Arabized Christians who fled Islamic Spain and settled in Christian Spain) were only superficially Arabized and in any case could not transmit elements of eastern culture because there were none in al-Andalus, there has been no research on the social organization of Mozarabs in ninth-century [13] León; no examination of changes that they may have introduced into the dietary regime or agricultural techniques of the country; no examination of their role in the transfer of technology, whether artisanal or agrarian; no study of their impact upon urban institutions and economic life; and a probable playing down of their cultural role in monasteries of Mozarabic foundation. Thus, regrettably, the nineteenth-century view that the Muslims of Iberia exceeded those of the East in culture, has been replaced among Sánchez-Albornoz and his followers by the view, more tendentious if less romantic, that the culture in question was not Eastern at all, but "Spanish."
4. A Question of Names
The names found throughout this book describing the geographical hearths of the ethnic groups that have inhabited the Iberian peninsula have been used at different times in different senses. The historical emergence of such names as Spain, Castile, Catalonia responds to discrete processes of cultural differentiation and ethnic ascription and, as Castro indicated, signals diachronic boundaries between different cultures. Because such processes are among the central themes of this discussion, they require meticulousness in the use of geographical terms with ethnic connotations, lest careless usage give rise to anachronistic confusion of people of one culture with those of another.
Spain is meant herein as a geographical term, defining the territory presently occupied by the Spanish state. Referring to all the medieval Christian territories together, I prefer to allude to the "Christian kingdoms," or to specific ones. In the high middle ages, Arab writers referred to all territory south of the Duero (and later any Iberian territory held by Muslims) as al-Andalus, whereas Spain (Isbaniyya) referred to the peninsula at a geographic entity. Regions to the north of the Duero were sometimes lumped together as Qashtalla (Castile) or defined more specifically. Those regions of the Upper Ebro Valley and Old Castile where summer raids were made were called Alaba wa'l-Qilâ' ("Alava and the Castles"); or reference was made to Jilliqiya (Galicia) or Banbalûna (meaning either Pamplona or Navarre, in any case the homeland of the Basques -- al-Bashkûnish). (20) For the Christians, on the other hand, Spain (Spania) was more of a cultural concept, defining broadly the area which had fallen within the Visigothic sphere of influence, sometimes even [14] including the region of Narbonne, on the northern side of the Pyrenees. According to Castro, the Romance form España was first used by those living in Septimania and Provence to refer to Muslim-held territory, the origin of refugees (Hispani) seeking a home in Carolingian lands.(21)
The term universally used by Arabic-speakers for those lands under Islamic control was al-Andalus. The origin of this term has confounded philologists and historians for years and there is no conclusive explanation to date. It has generally been supposed to relate to the Vandals, who passed through the peninsula in the fifth century on their way to North Africa. Thus it is puzzling why the Arabs should have named their lberian Province after people who no longer lived there. One conjecture is that Berbers of North African regions adjacent to the peninsula may still, in the early eighth century, have referred to it as the "land of the Vandals," a hypothetical zamurz Wandalus or tamurt Wandalus. Since many Berber nouns have genitives with a prefixed w-, the Arabs would have translated this as bilad al-Andalus, "land of the Andals." Another theory, less contrived, ascribes the name to a mythical Atlantis, which later Arab geographical writers tried to relate to the Atlantic Ocean. The term al-Andalus appears as early as 716 in bilingual coins, as the translation of Spania.(22)
Thus the name of this medieval Islamic province (and then nation) located on the Iberian peninsula is al-Andalus. Its inhabitants were Andalusis; to call them Andaluslans is misleading because that usage connotes the present-day region of Andalusia, whose boundaries are smaller than those of the historical al-Andalus.
Countless books and articles refer to Islamic, Muslim, Arabic, or Moorish Spain. Although the juxtaposition of "Islamic" and "Spain" implies, as Castro has said, a contradiction in terms, it is preferred to the others. The form Muslim can, in correct Arabic usage, modify only a person, not an inanimate object. It is also preferable to the others because it connotes the dominant religion, Islam, as an apposite to "Christian Spain." Arabic Spain is culturally appropriate, since Arabic was the primary language spoken there, but ethnically misleading, since the population was composed mainly of Hispano-Roman converts to Islam and Berbers and there were few Arabs in the population. Moorish Spain, besides being archaic and romantic (conjuring up images from Washington Irving's Tales of the Alhambra), is also misleading on a number of grounds. Strictly speaking, Moors were the Mauri, Berbers who lived in the Roman [15] province of Mauretania; therefore its use stresses, sometimes by design, the Berber contributions to Andalusi culture. In English, Moor has racial connotations (e.g., Othello, a negroid "Moor"; the "black-moor" of the standard English version of Aesop's fables) of blackness, whereas many Berbers are fair-haired and blue-eyed. In Spanish, for reasons already hinted at, the term moro is derogatory.
Thursday, 8 November 2012
المسلمون وعلم الهندسة
المسلمون وعلم الهندسة الميكانيكية بقلم د. راغب
السرجاني تاريخ الإضافة:14-1-200
لن يتوقف الانبهار الذي صاحبك وأنت تقلِّب صفحات
الحضارة الإسلامية لأول مرة.. لأنه لم يكن انبهارًا ناشئًا عن جِدَّة المعلومات وحسْب،
حتى إذا ألِفْتَهَا زال عنك الانبهار.. بل إن الإبهار والروعة كليهما يسكنان في كل
تفاصيل هذا البناء الفريد (بناء الحضارة الإسلامية).. حتى ليُمكِنُنَا القول باطمئنان:
إن عجائب هذه الحضارة لا تنقضي!.. ولا غرابة في ذلك؛ فقد نشأت هذه الحضارة في ظلال
القرآن الذي: "لا تنقضي عجائبه!.." كما روى الحاكم بإسناد صحيح عن عبد الله
بن مسعود.
وإذا كنا قد عشنا على مدار شهور سابقة مع روائع حضارة
المسلمين في الطب، ثم في الجانب البيئي، ومن بعده جانب الرفق بالحيوان.. فسنحاول –
بعون الله – تقليب صفحة جديدة، لا تقِلُّ روعة عما سبق أن عرفناه من كنوز العباقرة
المسلمين..
ستطل بنا هذه الصفحة على روعة ما قدَّمه المسلمون
في مجال الهندسة، وبالتحديد فرع الهندسة الميكانيكية.. أو ما سمَّاه علماؤنا الأفذاذ
"علم الحيل النافعة".. ذلك العلم الذي يُشكِّل مع فروع أخرى مثل: (هندسة
الأشكال والمخروطات، وهندسة المساحة، وهندسة البصريَّات...) منظومة عبقريَّة لعلوم
الهندسة الإسلامية، التي أحسن فيها علماء المسلمين – كما أحسنوا في غيرها من علوم الحياة
– الأخذ عمَّن سبقوهم، ثم الإضافة المبدعة على هذا الذي أخذوه..
ولعل الذي يدفعنا إلى أن نختار علم الهندسة الميكانيكية
لكي نبدأ به حديثنا عن علوم الهندسة عند المسلمين أنه يمثِّل بصدْق عناية المسلمين
بمفهوم التكنولوجيا (الذي يعني تطبيقات العلوم).. ذلك المفهوم الذي ما إن يُطلق حتى
يُظنَّ اقتصاره على عطاء الحضارة الغربية الحديثة، في حين أننا سنجد أثناء رحلتنا مع
"الحيل النافعة" عند المسلمين ما لا يُتَخَيَّل وجودُه من المخترعات والآلات
في تلك العصور البعيدة.. حتى يصل الأمر – كما سنرى بعد قليل – إلى أن تعرف حضارة المسلمين
صورة لما يُمكن أن نسمِّيه (الإنسان الآلي!!).
وحتى يزداد تعرُّفُنا على علم الحيل النافعة (فلا
يلتبس بألاعيب الحُواة مثلاً كما قد يُتوهَّم من ظاهر اللفظ!!) لا بد أن نعرف أوَّلاً
الغاية من ذلك العلم عند المسلمين.. تلك الغاية التي لخَّصوها في قولهم: "الحصول
على الفعل الكبير من الجهد اليسير" بمعنى استخدام الحيلة مكان القوة، والعقل مكان
العضلات، والآلة مكان البدن..
وهي نزعة حضارية، تتسم بها الأمم التي قطعت أشواطًا
في مجالات العلم والحضارة، كما أنها المحور الذي تدور حوله فلسفة أي اختراع تفرزه عقول
العلماء يوميًّا؛ سعيًا وراء تحسين حياة الإنسان، ورفع المشقَّة عنه قدر الإمكان.
ولعل من الأبعاد الأخلاقية التي قادت العقل الإسلامي
في اتجاه الإبداع والتفرُّد في مجال الحيل النافعة أن الشعوب السابقة على المسلمين
كانت تعتمد على العبيد، وتلجأ إلى نظام السُّخرة في إنجاز الأعمال الضخمة التي تحتاج
إلى مجهود جسماني كبير، دون النظر إلى طاقة تحمُّل أولئك العبيد..
فلما جاء الإسلام نهى عن السُّخرة، وكرَّم العبيد؛
فمنع إرهاقهم بما لا يُطيقون من العمل، فضلاً عن تحريم إرهاق الحيوانات (كما رأينا
في مقالات سابقة)، وتحميلها فوق طاقتها... إذا عرفنا ذلك، وأضفنا إليه ضرورات التعمير
والبناء - بكل أشكالها – التي صاحبت اتساع الحضارة الإسلامية.. فسوف ندرك جانبًا هامًّا
من دوافع هذا السبق الفريد في مجال التكنولوجيا عند المسلمين، أو قُل: ...الحيل النافعة!
ولعل من أهم إنجازات الهندسة الميكانيكية (أو علم
الحيل النافعة) ما ظهر واضحًا في الإمكانيات التي استخدمها المسلمون في رفع الأحجار
ومواد البناء لإتمام الأبنية العالية من مساجد ومآذن وقناطر وسدود... فيكفيك أن ترى
الارتفاعات الشاهقة لمعالم العمارة الإسلامية في عصور غابت عنها الروافع الآليَّة المعروفة
في زماننا.. لتعلم براعة المهندسين المسلمين في التوصل لآلات رفع ساعدت (ولا شك!) على
إنجاز تلك الأعمال الخالدة... وإلا فكيف يمكن أن ترتفع مئذنة فوق سطح مسجد سبعين مترًا..
أي ما يزيد على عشرين طابقًا؟!!..
ولا ننسى في هذا السياق "سور مجرى العيون"
في القاهرة أيام صلاح الدين الأيوبي رحمه الله.. والذي كان ينقل الماء من فم الخليج
على النيل إلى القلعة فوق جبل المقطَّم، وكانت هناك ساقية تُدار بالحيوانات لترفع المياه
لعشرة أمتار؛ فتتدفق في القناة فوق السور، وتسير المياه بطريقة الأواني المستطرقة حتى
تصل إلى القلعة!
والحق أن جهود علماء المسلمين في الهندسة الميكانيكية
أو "الحيل النافعة" بلغت مستوىً أذهل كل من جاء بعدهم.. وامتلأت مؤلفات المهندسين
المسلمين الأفذاذ بشروح مصوَّرة لمئات المخترعات والآلات التي وصلوا إليها لتحسين الحياة
من حولهم وتيسيرها بصورة تعكس مدى التمدُّن والرقي الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية
ونقلت العالم إليه..
من أعلام المسلمين في الهندسة الميكانيكية
"بنو موسى بن شاكر" الذين برزوا – إلى جانب الهندسة الميكانيكية – في مجالات
أخرى كالفلك وغيره من العلوم التطبيقية والتقنية.. وهم ثلاثة إخوة: محمد وأحمد والحسن
أبناء موسى بن شاكر.. عاشوا في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، وشكَّلوا منذ
ذلك العهد البعيد نموذجًا إسلاميًّا سابقًا لفريق البحث العلمي، وما يمكن أن يتولَّد
من ابتكارات وإنجازات بتجميع جهود العلماء وتضافرها.. هذا التجميع والتضافر الذي يشكِّل
اليوم سببًا واضحًا من أسباب سبق الحضارة الغربية الحديثة.
واشتهر بنو موسى في مجال الحيل النافعة – الذي نحن
بصدده - بكتابهم القيم المعروف باسم: "حيل بني موسى".. الذي يحكي عنه المؤرخ
المعروف ابن خلّكان قائلاً: "ولهم – أي: بني موسى - في الحيل كتابٌ عجيبٌ نادرٌ،
يشتمل على كل غريبة، ولقد وقفتُ عليه فوجدته من أحسن الكتب وأمتعها، وهو مجلَّد واحد..".
ويحتوي هذا الكتاب على مائة تركيب ميكانيكي، مع شروح
تفصيلية، ورسوم توضيحية لطرائق التركيب والتشغيل، وكان استخدام بني موسى للصمامات التي
تعمل تلقائيًا، وللأنظمة التي تعمل بعد زمن معين، وغير ذلك من مبادئ وأفكار التحكم
الآلي، من أهم الإنجازات في تاريخ العلم والتقنية بشكل عام.
ومن أمثلة التركيبات التي توصَّل إليها بنو موسى:
عمل سراج لا ينطفئ إذا وُضع في الريح العاصف! وعمل سراج يُخرج الفتيلة لنفسه، ويصبُّ
الزيت لنفسه، وكل من يراه يظن أن النار لا تأكل من الزيت ولا من الفتيلة شيئًا ألبتَّة!!
ومن إنجازاتهم أيضًا تنفيذ نافورة يفور منها الماء مدة من الزمان كهيئة الترس، ومدة
متماثلة كهيئة القناة... وتظل هكذا تتراوح بين الطريقتين!!
كما استحدثوا كذلك آلات لخدمة الزراعة والفلاحة،
مثل المعالف الخاصة لحيوانات ذات أحجام معينة لتتمكن من أن تصيب مأكلها ومشربها؛ فلا
ينازعها غيرها الطعام والشراب.. وقاموا أيضًا بعمل خزانات للحمامات، وآلات لتعيين كثافة
السوائل، وآلات تُثَبَّتُ في الحقول لكيلا تضيع كميات الماء هدرًا، ويمكن بواسطتها
السيطرة على عملية ري المزروعات.
لقد كان لكل هذه الأفكار الإبداعية أثر كبير في دفع
مسيرة تقنية "الحيل النافعة" أو الهندسة الميكانيكية قُدُمًا، حيث تميزت
تصاميمها بالخيال الخصب والتوصيف الدقيق والمنهجية التجريبية الرائدة.
ومن
بعد "بني موسى" أتى علماء أفذاذ مثل "ابن خلف المرادي" الذي عاش
فى القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، وألَّف كتابًا قيِّمًا في الحيل النافعة
بعنوان "الأسرار فى نتائج الأفكار".. وقد اكتُشِفَت مخطوطة هذا الكتاب حديثًا
(عام 1975م) في مكتبة لورنيين بفرنسا.. ويحوي الكتاب أجزاءً هامة حول الطواحين والمكابس
المائية، كما يشرح أكثر من ثلاثين نوعًا من الآلات الميكانيكية، ويصف ساعةً شمسيةً
متطورةً جدًا
Flywheel Effect for a Saqiya From Kitab Al-Filaha of Ibn Bassal (1038-1075)
A flywheel is attached to a rotating shaft so as to smooth out delivery of power from a driving device to a driven machine. The inertia of the flywheel opposes and moderates fluctuations in the speed of the driver and stores the excess energy for intermittent use. In other words it smoothes out the flow of power. The flywheel was utilized very early in history in potters’ wheels and in ancient Egyptian drilling devises. It started to be used in machinery in Europe only in the sixteenth century.
This Brief Note is about an ingenious devise that was described by Ibn Bassal in the eleventh century for utilizing the flywheel effect in a saqiya. A weight is placed behind the animal on the drawbar which is rotating around the vertical shaft of the saqiya. The resulting extra inertia that is stored in the weight is required for the proper operation of the saqiya. Using a weight to produce a flywheel-effect, the operation will be smoother
and the load on the animal will be minimized. The flywheel weight allows the peaks and valleys of the torque to be reduced.
The following is what Ibn Bassal says. The Arabic text is given at the end of this Note. 22"Chapter: if the well is deep so that its rope is more than twenty fathoms (qama) [and] if the extraction of water becomes weak and the weight of the saqiya’s rope becomes heavy for the animal then the ingenuous device for making the load light and easy is to install the saqiya at the mouth of the well in a similar manner to other saqiyas. Then you consider the upright shaft that carries the pinion and you cut off the upper part leaving about one shibr (hand span) in length. Then drill a hole in the middle of the remaining upright shaft. Insert the drawbar into this hole. Drill two holes along the drawbar with a space between them sufficient for accommodating the animal with its rump. The draw robes that are attached to the animal pass through these two holes. Between the two holes on the draw bar, through which pass the draw ropes, place a supporting frame or bed. On this supporting frame or bed place a weight of stones equal to four or five arba`s (Sp. Arrobas). The weight will be located opposite the rump of the animal, not hanging down but resting on the bed. With this arrangement it will become easy for the animal to draw water out from the deep well even if its depth reached one hundred fathoms. The animal will not find any burden or heaviness caused by the weight opposite to its rump, and the slightest effort will cause the saniya (saqiya) to move.
If one is afraid that the drawbar will bend or something else because of its great length we will drill in the remaining part of the upright shaft two holes, one of them above the drawbar and other underneath it, and will put in them two rods of a combined thickness equal to that of the drawbar, these rods will be securely attached to the drawbar and rounded at their ends to fit on it. The ends will be securely held and tightened together with the drawbar at its middle by an iron ring. if the drawbar measured thirty hand spans in length, the two rods will be about fifteen hand spans long each, and if the drawbar will be smaller, then both rods are decreased in length in a proportionate way; and by this construction the drawbar is strengthened without fear of its bending."
Muhammad b. Ibrahim Ibn Bassal, lived in Toledo. He devoted himself exclusively to agronomy. He also was in the service of Al-Ma’mun sultan of Toledo (1038-1075), for whom he wrote a lengthy treatise on agronomy (Diwan Al-filaha); this work was subsequently abridged into one volume with sixteen chapters. This work, which was translated into Castilian in the Middle Ages, was published in 1955 together with the Arabic text, (see below). The treatise by Ibn Bassal is singular in that it contains no reference to earlier agronomists; it appears to be based exclusively on the personal experiences of the author, who is revealed as the most original and objective of all the Hispano-Arabic specialists.
Subscribe to:
Posts (Atom)